المدخل إلى برنامج SPSS وتطبيقاته في الإحصاء والعلوم الاجتماعية.

   
يعد برنامج (SPSS) واحداً من البرامج الإحصائية المتطورة، والذي يخدم أغراضاً علمية محددة، حتى تكاد وظائفه لا تتجاوز هذه الأغراض في أغلب الأحوال، وهو يوفر إمكانيات كبيرة في ضبط البحوث الاجتماعية والتجارب المعملية التي يمكن تنفيذها في ميادين العلوم الاجتماعية المختلفة، ومع الاعتراف بأن استخدامات هذا البرنامج يمكن أن تتجاوز العلوم الاجتماعية إلى مجالات أخرى، غير أن استخدامه في المجال والاجتماعي يعد هاماً وضرورياً لما يقدمه من وظائف حيوية في هذا المجال، وربما لا نجد له مثيلاً مكافئاً بالدرجة نفسها.
     وبرغم هذه الأهمية التي يوصف بها البرنامج فإن استخدامه في الوطن العربي مازال محدوداً للغاية ما خلا الباحثين المختصين في الإحصاء، أما الباحثين الآخرين، وفي مجالات الاجتماعي، والتربية، والنفس، والنفس الاجتماعي، والاقتصاد والسكان.. فهم اقل استخداماً له بحكم ما يتطلبه من تخصص متقدم في مجال الإحصاء، الأمر الذي يدفع ببعض الباحثين للاستعانة بالعاملين في مجال الإحصاء لتنظيم بعض بحوثهم، ويفوت عليه فرصة الاستفادة من إمكانيات كبيرة وواسعة يمكن استثمارها والاستفادة منها إن هم كانوا على معرفة أولية بأسس استخدام هذا البرنامج، وبتطبيقاته المتنوعة.
    وقد يعود جزء كبير من عدم إقبال الباحثين الشباب على استخدام برنامج (SPSS) إلى مسألتين أساسيتين تكمن الأولى في وجود برامج إحصائية قريبة منه من حيث الوظيفة، مع إمكانية استخدام اللغة العربية فيها بشكل جيد، في حين لا يمكن تحقيق هذه المسألة بالنسبة إلى برنامج(SPSS)، ومن جهة ثانية فإن العمل بهذا البرنامج يكاد يكون وقفاً على المختصين في الإحصاء والعلوم الاجتماعية، بينما يمكن استثمار البرامج الأخرى في وظائف تتعدى نطاق الإحصاء لتشمل تطبيقات عديدة لا يمكن أن يغطيها برنامج (SPSS) على نحو كاف، لذلك من الطبيعي أن يصبح الاهتمام بالبرنامج أقل وضوحاً من الاهتمام بالبرامج الأخرى.
    وفي ضوء ذلك تكمن أهمية التعريف ببرنامج (SPSS) وكيفية استخداماته في الدراسات الاجتماعية وتطبيقاته المختلفة، إذ يسهم ذلك في تقريب البرنامج إلى الباحث العربي من جهة، ويساعد على تطوير استخدامه في الدراسات العربية من جهة أخرى، حيث يجد فيه الباحث حلاً لمشكلات إحصائية عديدة قد لا تتوفر بالسهولة نفسها إذا ما اعتمد برامج أخرى.
    ولا بد من التنويه إلى أن التعريف ببرنامج (SPSS) لا يتضمن بحوثاً في الإحصاء، ولا في المعايير الإحصائية، برغم أن فصول الكتاب تقدم تعريفاً أولياً بكيفية استخدام هذه المعايير في الدراسات الاجتماعية، لهذا فإن الاستفادة من هذا الكتاب قد تكون ضعيفة بالنسبة للمختصين في العلوم الإحصائية، ولكنها كبيرة بالنسبة للباحثين الاجتماعيين الذين لم تتاح أمامهم إمكانية التعرف على استخدام القوانين الإحصائية واستخلاصها من التوزيعات التكرارية المتنوعة.
     ولهذه الأسباب فإن العمل بهذا الكتاب ومتابعة فصوله خطوة بخطوة، لا يتطلب مهارات كبيرة في الإحصاء، ماعدا المبادئ الأولية، وهو في أساسه يرمي إلى توفير إمكانية استخدام التقانات الإحصائية المتطورة في البحوث الاجتماعية التي يقوم بإنجازها باحثون غير مختصين في الإحصاء وتطبيقاته المختلفة. أما المختصين في مجال الإحصاء، والذين لم يسبق لهم التعرف إلى البرنامج، فلا شك أنهم على قدر من المعرفة التي تتيح لهم إمكانية تحقيق الفائدة الأكبر، وقد يجدوا فيه ما يلبي حاجاتهم، وينمي معارفهم، خاصة بعد أن يحققوا قدراً من المعرفة بالبرنامج، وبكيفية استخداماته.
     ويعتمد الكتاب على تصور أن الباحثين الراغبين بمتابعة فصوله لابد أن يكونوا على قدر من الإلمام بكيفية التعامل مع أجهزة الحاسب، فهو يهمل مرحلة المبتدئين كلياً، وخاصة مرحلة كيفية تشغيل الحاسب، وتشغيل البرنامج، وتحمليه، واستدعائه ومواقع حفظ الملفات وغير ذلك من أسس التفاعل مع نظام النوافذ بشكل عام، ذلك أن أي مستثمر لبرنامج (SPSS) لابد أن يكون على معرفة أولية بهذه المبادئ.
    ويتوزع الكتاب في ستة فصول أساسية، يتناول أولها بالشرح لمجموعة من الأوامر الأساسية التي لابد من التعرف عليها في البرنامج. وهي أوامر تتعلق بكيفية تحرير البيانات، ومسحها، وحفظها، واستدعائها، وتعديلها، بالإضافة جملة من المسائل المتعلقة بلوحات العرض، وكيفية التحكم بها.
     ويشرح الفصل الثاني المبادئ الأساسية لكيفية إدراج البيانات وتوصيفها وطرق معالجتها، من حيث تكوين ملفات جديدة من بيانات قديمة، ودمج ملفات قديمة أو حديثة مع بعضها بعضاً، والتحكم بأرشفة البيانات. ويأخذ الفصل الثالث بشرح كيفية تعديل البيانات وتغييرها، وإعادة ترميزها وتوزينها، وأشكال معالجة المصفوفات الرقمية.
ويتناول كل من الفصلين الرابع والخامس كيفية استخراج البيانات الإحصائية والتقارير التي يرغب بها الباحث، سواء على مستوى التوزيعات التكرارية البسيطة، أو المركبة، بما في ذلك التعرف إلى كيفية استخلاص مجموعة من المعاملات الإحصائية الهامة، والتي يكثر استخدامها في الدراسات الاجتماعية، مثل معامل تربيع كاي، ومعامل الاقتران، ومعامل الارتباط وغيرها، بالإضافة إلى بعض نماذج الارتباط الخطي بين المتغيرات.
   ويعرض الفصل السادس أخيراً أسس إخراج المخططات البيانية، وكيفية التحكم بها، بدءاً من المخططات البيانية البسيطة، وحتى المخططات البيانية الرزازية الفراغية، بما في ذلك المخططات المركبة، ومخططات الرقابة، ومخططات اختبار جودة التوزيع، وغيرها.
     وينتهي الكتاب بالخاتمة وبقائمة المحتويات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق